كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
الغرض من الخطبة:
- التنبيه على أهمية التعبد لله -تعالى- بشهود آثار أسمائه وصفاته في الحوادث والأحوال في حياتنا.
المقدمة:
-
حوادث كثيرة في حياتنا تجري على خلاف المتوقع والمظنون، والتي يكاد كثير
من الناس يظن لها نتائج معينة؛ لكثرة ما يحيط بها من الأسباب التي تؤدي إلى
ذلك، فإذا بالأمر يأتي على خلاف ذلك، فلا يملك المتعبد المستحضر دائمًا
باب التعبد العظيم "باب الأسماء والصفات لله -سبحانه-" إلا أن يقول: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21).
- المعنى الإجمالي للآية:
إذا أراد الله شيئًا فلا يُرد، ولا يُمانع ولا يخالف، بل هو الغالب لما
سواه، وأكثر الناس لا يدرون حكمته، وتلطفه لما يريد، فاسم اللطيف يتضمن
علمه بالأشياء الدقيقة، وإيصاله الرحمة بالطرق الخفية؛ ولذلك قال يوسف
-عليه السلام- في آخر القصة: (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (يوسف:100).
مشاهد مع الآية من خلال قصة يوسف -عليه السلام-:
المشهد الأول: لا يغني حذر من قدر:
- رؤيا يوسف -عليه السلام- التي تظهر عظيم شأنه: (إِذْ
قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ
كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) (يوسف:4).
- استبشار يعقوب -عليه السلام- وتأويله لها: (وَكَذَلِكَ
يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ
نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى
أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ) (يوسف:6).
- أسباب الحذر خشية وقوع المكروه: (قَالَ
يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ
كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (يوسف:5)، (قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ) (يوسف:13).
كانت
الأسباب كلها في ظاهرها تسير على أن يوسف -عليه السلام- يُعد لحمل أمانة
الدين، وليس هناك أفضل من بيت النبوة ليتربى فيه؛ ولذلك كان يعقوب -عليه
السلام- شديد الحرص على إبقاء يوسف -عليه السلام- في حفظه وعنايته، لكن
الله غالب على أمره.
- ولكن.. الله غالب على أمره: (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا) (يوسف:9)، بل تلقفوا حجة كذبهم مما حذره يعقوب -عليه السلام-: (وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ) (يوسف:13).
المشهد الثاني: الله مقلب القلوب:
- الحب والتفضيل بيد الله: (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) (يوسف:.
- ظنوا زوال صورته يبدل الحال: (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ) (يوسف:9).
- ولكن الله غالب على أمره، فكان عكس ما أرادوا: (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) (يوسف:18).
- فكان البغض لهم وازدياد الحب ليوسف: (وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) (يوسف:84)، حتى بعد فقد أخيه.
المشهد الثالث: من البئر إلى القصر:
- أرادوا له الإبعاد والإهانة والإذلال: (وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ) (يوسف:10).
- أيقنوا ذهابه بلا عودة وأسلموه للرق والعبودية: (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ) (يوسف:19)، (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) (يوسف:20).
- ولكن... الله غالب على أمره، وخرج من البئر إلى القصر: (وَقَالَ
الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى
أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ
فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ
غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21).
المشهد الرابع: محنة امرأة العزيز:
- حذر المرأة وأخذها بأسباب الستر: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ) (يوسف:23).
- ولكن الله غالب على أمره؛ فانكشف الأمر وهتك الستر: (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ) (يوسف:25). أين هي من جلبة قدوم الكبراء والوزراء؟!
- وابتدرت زوجها بالكلام لتغلبه: (قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (يوسف:25).
- ولكن الله غالب على أمره، فشهد شاهد من أهلها: (قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) (يوسف:28).
- المشهد الخامس: محنة السجن وإخراج الله له:
- أراد إخراج نفسه فمكث ولم يخرج: (وَقَالَ
لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ
فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ
سِنِينَ) (يوسف:42). والله أراد له أحسن الأحوال عند خروجه، إذ لو خرج بشفاعة السجين؛ لكان للناس عليه منة، ولخرج مغمورًا لا قدر له ولا شأن.
- ولكن... الله غالب على أمره، فيقدر له أسباب الخروج: (وَقَالَ
الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ
عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا
الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ) (يوسف:43).
- أعظم صور الإكرام: (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي) (يوسف:54).
- من بيت النبوة إلى الملك والسياسة؛ ليحفظ الله به البلاد والعباد: (إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ) (يوسف:54).
المشهد السادس: (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء):
- اجتماع الشمل وتحقق الرؤيا: (فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ) (يوسف:99).
- متى كانت الرؤيا؟ ومتى تحققت؟! (وَرَفَعَ
أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ
هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا
وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ
الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ
إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ
الْحَكِيمُ) (يوسف:100).
- (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء): "دخول بني إسرائيل مصر - الدولة الفرعونية - رسالة موسى - هلاك الفرعون".
- فلا تكن بعد هذا كله ممن قال الله فيهم: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) (يوسف:105)!
فاللهم دبر لنا أمرنا، واقدر لنا الخير حيث كان، ثم رضنا به.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
الغرض من الخطبة:
- التنبيه على أهمية التعبد لله -تعالى- بشهود آثار أسمائه وصفاته في الحوادث والأحوال في حياتنا.
المقدمة:
-
حوادث كثيرة في حياتنا تجري على خلاف المتوقع والمظنون، والتي يكاد كثير
من الناس يظن لها نتائج معينة؛ لكثرة ما يحيط بها من الأسباب التي تؤدي إلى
ذلك، فإذا بالأمر يأتي على خلاف ذلك، فلا يملك المتعبد المستحضر دائمًا
باب التعبد العظيم "باب الأسماء والصفات لله -سبحانه-" إلا أن يقول: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21).
- المعنى الإجمالي للآية:
إذا أراد الله شيئًا فلا يُرد، ولا يُمانع ولا يخالف، بل هو الغالب لما
سواه، وأكثر الناس لا يدرون حكمته، وتلطفه لما يريد، فاسم اللطيف يتضمن
علمه بالأشياء الدقيقة، وإيصاله الرحمة بالطرق الخفية؛ ولذلك قال يوسف
-عليه السلام- في آخر القصة: (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (يوسف:100).
مشاهد مع الآية من خلال قصة يوسف -عليه السلام-:
المشهد الأول: لا يغني حذر من قدر:
- رؤيا يوسف -عليه السلام- التي تظهر عظيم شأنه: (إِذْ
قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ
كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) (يوسف:4).
- استبشار يعقوب -عليه السلام- وتأويله لها: (وَكَذَلِكَ
يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ
نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى
أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ) (يوسف:6).
- أسباب الحذر خشية وقوع المكروه: (قَالَ
يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ
كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (يوسف:5)، (قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ) (يوسف:13).
كانت
الأسباب كلها في ظاهرها تسير على أن يوسف -عليه السلام- يُعد لحمل أمانة
الدين، وليس هناك أفضل من بيت النبوة ليتربى فيه؛ ولذلك كان يعقوب -عليه
السلام- شديد الحرص على إبقاء يوسف -عليه السلام- في حفظه وعنايته، لكن
الله غالب على أمره.
- ولكن.. الله غالب على أمره: (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا) (يوسف:9)، بل تلقفوا حجة كذبهم مما حذره يعقوب -عليه السلام-: (وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ) (يوسف:13).
المشهد الثاني: الله مقلب القلوب:
- الحب والتفضيل بيد الله: (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) (يوسف:.
- ظنوا زوال صورته يبدل الحال: (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ) (يوسف:9).
- ولكن الله غالب على أمره، فكان عكس ما أرادوا: (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) (يوسف:18).
- فكان البغض لهم وازدياد الحب ليوسف: (وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) (يوسف:84)، حتى بعد فقد أخيه.
المشهد الثالث: من البئر إلى القصر:
- أرادوا له الإبعاد والإهانة والإذلال: (وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ) (يوسف:10).
- أيقنوا ذهابه بلا عودة وأسلموه للرق والعبودية: (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ) (يوسف:19)، (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) (يوسف:20).
- ولكن... الله غالب على أمره، وخرج من البئر إلى القصر: (وَقَالَ
الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى
أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ
فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ
غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21).
المشهد الرابع: محنة امرأة العزيز:
- حذر المرأة وأخذها بأسباب الستر: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ) (يوسف:23).
- ولكن الله غالب على أمره؛ فانكشف الأمر وهتك الستر: (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ) (يوسف:25). أين هي من جلبة قدوم الكبراء والوزراء؟!
- وابتدرت زوجها بالكلام لتغلبه: (قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (يوسف:25).
- ولكن الله غالب على أمره، فشهد شاهد من أهلها: (قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) (يوسف:28).
- المشهد الخامس: محنة السجن وإخراج الله له:
- أراد إخراج نفسه فمكث ولم يخرج: (وَقَالَ
لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ
فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ
سِنِينَ) (يوسف:42). والله أراد له أحسن الأحوال عند خروجه، إذ لو خرج بشفاعة السجين؛ لكان للناس عليه منة، ولخرج مغمورًا لا قدر له ولا شأن.
- ولكن... الله غالب على أمره، فيقدر له أسباب الخروج: (وَقَالَ
الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ
عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا
الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ) (يوسف:43).
- أعظم صور الإكرام: (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي) (يوسف:54).
- من بيت النبوة إلى الملك والسياسة؛ ليحفظ الله به البلاد والعباد: (إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ) (يوسف:54).
المشهد السادس: (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء):
- اجتماع الشمل وتحقق الرؤيا: (فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ) (يوسف:99).
- متى كانت الرؤيا؟ ومتى تحققت؟! (وَرَفَعَ
أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ
هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا
وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ
الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ
إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ
الْحَكِيمُ) (يوسف:100).
- (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء): "دخول بني إسرائيل مصر - الدولة الفرعونية - رسالة موسى - هلاك الفرعون".
- فلا تكن بعد هذا كله ممن قال الله فيهم: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) (يوسف:105)!
فاللهم دبر لنا أمرنا، واقدر لنا الخير حيث كان، ثم رضنا به.