بسم الله الرحمن الرحيم
[center]
[center]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته
السؤال : ما حكم المصحف الموقوف إذا تلف أو تمزق، وهل يجب ترميمه؟
أو إقامة بدل له؟ أو تركه بحاله؟ وهل يجوز إتلافه أم لا؟
الجواب :
الحمد لله :
أولاً : إذا تعرض المصحف لبعض التلف
والتمزق ، وكان بالإمكان إصلاحه وتجليده فهو أفضل
وأحسن ، ومن أعمال البر التي
يؤجر عليها الإنسان .
إلا أن ذلك ليس من الواجبات الشرعية التي تلزم الواقف أو
غيره من أفراد الناس ، وإنما ينفق عليه من غلة المسجد إن كان للمسجد وقف خاص به
ينفق منه على مصالحه ، وإلا فالمسئول عن ذلك هو مديريات الأوقاف .
وذلك لأن
الأوقاف التي ليس لها غَلة يُنفق عليها من بيت المال .
قال شيخ الإسلام عن نفقة
السلاح الموقوف: " إنْ شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ نَفَقَةً وَإِلَّا كَانَ مِنْ بَيْتِ
الْمَالِ كَسَائِرِ مَا يُوقَفُ لِلْجِهَاتِ الْعَامَّةِ كَالْمَسَاجِدِ ، وَإِذَا
تَعَذَّرَ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ بِيعَ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَاقِفِ
الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ ". انتهى "مجموع الفتاوى" (31 / 235).
وقال في " كشاف
القناع " (4 / 265) : " وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ
كَالْمَسَاكِينِ فَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَال ، وإن تَعذَّرَ، بِيعَ
".
ثانياً : إذا صار المصحف الموقوف في حال يتعذر معها الانتفاع به بسبب
تلفه وتمزقه ، ففي هذه الحال يجوز إتلافه.
وللعلماء في كيفية إتلافه
قولان:
فمنهم من يرى أن يدفن في التراب ، وهو مذهب الحنفية والحنابلة .
قال
الحصكفي من فقهاء الحنفية : " الْمُصْحَفُ إذَا صَارَ بِحَالٍ لَا يُقْرَأُ فِيهِ :
يُدْفَنُ ؛ كَالْمُسْلِمِ". انتهى من "الدر المختار" (1 / 191).
وعلق على ذلك
صاحب الحاشية بقوله : " أي يجعل في خرقة طاهرة ، ويدفن في محل غير ممتهن ، لا يوطأ
". انتهى
وقال البهوتي من الحنابلة : " وَلَوْ بَلِيَ الْمُصْحَفُ أَوْ
انْدَرَسَ دُفِنَ نَصًّا ، ذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّ أَبَا الْجَوْزَاءِ بَلِيَ لَهُ
مُصْحَفٌ فَحَفَرَ لَهُ فِي مَسْجِدِهِ فَدَفَنَهُ " . انتهى "كشاف القناع" (1 /
137).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما المصحف العتيق والذي تَخرَّق وصار بحيث
لا ينتفع به بالقراءة فيه ، فإنه يدفن في مكان يُصان فيه ، كما أن كرامة بدن المؤمن
دفنه في موضع يصان فيه ". انتهى "مجموع الفتاوى" (12/599).
ومن أهل العلم من
يرى أن المصحف التالف يُحرق بالنار، وهو قول المالكية والشافعية ، وذلك اقتداءً
بعثمان عندما أمر بحرق المصاحف الموجودة في أيدي الناس بعد جمع المصحف الإمام
.
وقصة حرق عثمان للمصاحف رواها البخاري في صحيحه (4988) ومما جاء فيها: (...
فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ
نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا
حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ
الزُّبَيْرِ ، وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ
بْنِ هِشَامٍ ، فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ ...وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ
بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا ، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ
صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ ) .
وعن مصعب بن سعد قال: " أدركت الناس
متوافرين حين حرق عثمان المصاحف ، فأعجبهم ذلك ، لم ينكر ذلك منهم أحد " . رواه أبو
بكر بن أبي داود في "كتاب المصاحف" (41).
قال ابن بطال: " وفى أمر عثمان بتحريق
الصحف والمصاحف حين جمع القرآن جواز تحريق الكتب التي فيها أسماء الله تعالى ، وأن
ذلك إكرام لها ، وصيانة من الوطء بالأقدام ، وطرحها في ضياع من الأرض ". انتهى من "
شرح صحيح البخاري" (10/226) .
قال السيوطي: " إذا احتيج إلى تعطيل بعض أوراق
المصحف لبلى ونحوه ، فلا يجوز وضعها في شق أو غيره ؛ لأنه قد يسقط ويوطأ ، ولا يجوز
تمزيقها لما فيه من تقطيع الحروف وتفرقة الكلم ، وفي ذلك إزراء بالمكتوب ... وإن
أحرقها بالنار فلا بأس ، أحرق عثمان مصاحف كان فيها آيات وقراءات منسوخة ولم ينكر
عليه ". انتهى " الإتقان في علوم القرآن" (2 / 1187)
ولكل من القولين – القول
بالدفن والإحراق - وجه ، ولذلك أي الأمرين فعل الإنسان فلا حرج عليه إن شاء الله
تعالى ، وإن كان القول بالإحراق أولى لثبوته عن الصحابة رضي الله عنهم .
قال
الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: " الطريقة الصحيحة عند تلف أوراق المصاحف هي دفنها
في المسجد ، وإذا تعذر ذلك فتدفن في موضع طاهر نظيف ، ويجوز كذلك حرقها ". انتهى "
الفتاوى" ( 13 / 84).
وفي " فتاوى اللجنة الدائمة " (4/139) : " ما تمزق من
المصاحف والكتب والأوراق التي بها آيات من القرآن يدفن بمكان طيب ، بعيد عن ممر
الناس وعن مرامي القاذورات ، أو يحرق ؛ صيانة له ، ومحافظة عليه من الامتهان ؛ لفعل
عثمان رضي الله عنه ".
وقال الشيخ ابن عثيمين: " ولكن ينبغي بعد إحراقه أن يدق
حتى لا يبقى قطع من الأوراق ، لأن الإحراق تبقى معه صورة الحرف كما يشاهد كثيراً ،
فإذا دق وصار رماداً زال هذا المحذور ". انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (16 /
148).
ومن الأشياء الموجودة الآن ويمكن استعمالها في إتلاف المصاحف " آلة تمزيق
الورق" بشرط أن تكون دقيقة جداً بحيث لا تبقي شيئاً من الكلمات والحروف الظاهرة
.
قال الشيخ ابن عثيمين: " التمزيق لابد أن يأتي على جميع الكلمات والحروف ،
وهذه صعبة إلا أن توجد آلة تمزق تمزيقاً دقيقاً جداً بحيث لا تبقى صورة الحرف ،
فتكون هذه طريقة ثالثة وهي جائزة ". انتهى "فتاوى نور على الدرب" (2 /384).
وفي
حال حرق المصحف الموقوف أو إتلافه فلا يلزم إقامة بدل عنه ، والله أعلم.
[center]
[center]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته
السؤال : ما حكم المصحف الموقوف إذا تلف أو تمزق، وهل يجب ترميمه؟
أو إقامة بدل له؟ أو تركه بحاله؟ وهل يجوز إتلافه أم لا؟
الجواب :
الحمد لله :
أولاً : إذا تعرض المصحف لبعض التلف
والتمزق ، وكان بالإمكان إصلاحه وتجليده فهو أفضل
وأحسن ، ومن أعمال البر التي
يؤجر عليها الإنسان .
إلا أن ذلك ليس من الواجبات الشرعية التي تلزم الواقف أو
غيره من أفراد الناس ، وإنما ينفق عليه من غلة المسجد إن كان للمسجد وقف خاص به
ينفق منه على مصالحه ، وإلا فالمسئول عن ذلك هو مديريات الأوقاف .
وذلك لأن
الأوقاف التي ليس لها غَلة يُنفق عليها من بيت المال .
قال شيخ الإسلام عن نفقة
السلاح الموقوف: " إنْ شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ نَفَقَةً وَإِلَّا كَانَ مِنْ بَيْتِ
الْمَالِ كَسَائِرِ مَا يُوقَفُ لِلْجِهَاتِ الْعَامَّةِ كَالْمَسَاجِدِ ، وَإِذَا
تَعَذَّرَ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ بِيعَ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَاقِفِ
الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ ". انتهى "مجموع الفتاوى" (31 / 235).
وقال في " كشاف
القناع " (4 / 265) : " وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ
كَالْمَسَاكِينِ فَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَال ، وإن تَعذَّرَ، بِيعَ
".
ثانياً : إذا صار المصحف الموقوف في حال يتعذر معها الانتفاع به بسبب
تلفه وتمزقه ، ففي هذه الحال يجوز إتلافه.
وللعلماء في كيفية إتلافه
قولان:
فمنهم من يرى أن يدفن في التراب ، وهو مذهب الحنفية والحنابلة .
قال
الحصكفي من فقهاء الحنفية : " الْمُصْحَفُ إذَا صَارَ بِحَالٍ لَا يُقْرَأُ فِيهِ :
يُدْفَنُ ؛ كَالْمُسْلِمِ". انتهى من "الدر المختار" (1 / 191).
وعلق على ذلك
صاحب الحاشية بقوله : " أي يجعل في خرقة طاهرة ، ويدفن في محل غير ممتهن ، لا يوطأ
". انتهى
وقال البهوتي من الحنابلة : " وَلَوْ بَلِيَ الْمُصْحَفُ أَوْ
انْدَرَسَ دُفِنَ نَصًّا ، ذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّ أَبَا الْجَوْزَاءِ بَلِيَ لَهُ
مُصْحَفٌ فَحَفَرَ لَهُ فِي مَسْجِدِهِ فَدَفَنَهُ " . انتهى "كشاف القناع" (1 /
137).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما المصحف العتيق والذي تَخرَّق وصار بحيث
لا ينتفع به بالقراءة فيه ، فإنه يدفن في مكان يُصان فيه ، كما أن كرامة بدن المؤمن
دفنه في موضع يصان فيه ". انتهى "مجموع الفتاوى" (12/599).
ومن أهل العلم من
يرى أن المصحف التالف يُحرق بالنار، وهو قول المالكية والشافعية ، وذلك اقتداءً
بعثمان عندما أمر بحرق المصاحف الموجودة في أيدي الناس بعد جمع المصحف الإمام
.
وقصة حرق عثمان للمصاحف رواها البخاري في صحيحه (4988) ومما جاء فيها: (...
فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ
نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا
حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ
الزُّبَيْرِ ، وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ
بْنِ هِشَامٍ ، فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ ...وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ
بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا ، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ
صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ ) .
وعن مصعب بن سعد قال: " أدركت الناس
متوافرين حين حرق عثمان المصاحف ، فأعجبهم ذلك ، لم ينكر ذلك منهم أحد " . رواه أبو
بكر بن أبي داود في "كتاب المصاحف" (41).
قال ابن بطال: " وفى أمر عثمان بتحريق
الصحف والمصاحف حين جمع القرآن جواز تحريق الكتب التي فيها أسماء الله تعالى ، وأن
ذلك إكرام لها ، وصيانة من الوطء بالأقدام ، وطرحها في ضياع من الأرض ". انتهى من "
شرح صحيح البخاري" (10/226) .
قال السيوطي: " إذا احتيج إلى تعطيل بعض أوراق
المصحف لبلى ونحوه ، فلا يجوز وضعها في شق أو غيره ؛ لأنه قد يسقط ويوطأ ، ولا يجوز
تمزيقها لما فيه من تقطيع الحروف وتفرقة الكلم ، وفي ذلك إزراء بالمكتوب ... وإن
أحرقها بالنار فلا بأس ، أحرق عثمان مصاحف كان فيها آيات وقراءات منسوخة ولم ينكر
عليه ". انتهى " الإتقان في علوم القرآن" (2 / 1187)
ولكل من القولين – القول
بالدفن والإحراق - وجه ، ولذلك أي الأمرين فعل الإنسان فلا حرج عليه إن شاء الله
تعالى ، وإن كان القول بالإحراق أولى لثبوته عن الصحابة رضي الله عنهم .
قال
الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: " الطريقة الصحيحة عند تلف أوراق المصاحف هي دفنها
في المسجد ، وإذا تعذر ذلك فتدفن في موضع طاهر نظيف ، ويجوز كذلك حرقها ". انتهى "
الفتاوى" ( 13 / 84).
وفي " فتاوى اللجنة الدائمة " (4/139) : " ما تمزق من
المصاحف والكتب والأوراق التي بها آيات من القرآن يدفن بمكان طيب ، بعيد عن ممر
الناس وعن مرامي القاذورات ، أو يحرق ؛ صيانة له ، ومحافظة عليه من الامتهان ؛ لفعل
عثمان رضي الله عنه ".
وقال الشيخ ابن عثيمين: " ولكن ينبغي بعد إحراقه أن يدق
حتى لا يبقى قطع من الأوراق ، لأن الإحراق تبقى معه صورة الحرف كما يشاهد كثيراً ،
فإذا دق وصار رماداً زال هذا المحذور ". انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (16 /
148).
ومن الأشياء الموجودة الآن ويمكن استعمالها في إتلاف المصاحف " آلة تمزيق
الورق" بشرط أن تكون دقيقة جداً بحيث لا تبقي شيئاً من الكلمات والحروف الظاهرة
.
قال الشيخ ابن عثيمين: " التمزيق لابد أن يأتي على جميع الكلمات والحروف ،
وهذه صعبة إلا أن توجد آلة تمزق تمزيقاً دقيقاً جداً بحيث لا تبقى صورة الحرف ،
فتكون هذه طريقة ثالثة وهي جائزة ". انتهى "فتاوى نور على الدرب" (2 /384).
وفي
حال حرق المصحف الموقوف أو إتلافه فلا يلزم إقامة بدل عنه ، والله أعلم.
عدل سابقا من قبل gta_cena في الثلاثاء مايو 29, 2012 1:41 am عدل 1 مرات