أنقذ حياتي... فمن ينقذه؟
لم يبخل رجل الأعمال الأمريكي (ديف بيكر) بالتبرع بإحدى كليتيه لسائق الليموزين اللبناني (عبدالفرج) تقديراً لكفاءته، وما أجمل القول الذي قاله (عبدالفرج) عندما قال: أعطاني جزء من جسده.. لقد أنقذ حياتي، وإلى هنا والقصة تتكرر يومياً هنا أو هناك في أي منطقة، وبالأخص بين الأقارب، إلا أن الشيء الذي ينبغي التنبه إليه، أن الذي تبرع بهذا الجزء من جسده هو إنسان غير مسلم لأخيه في الإنسانية عبد فرج (لينقذ حياته) فهل فكر كل واحد فينا أن ينقذ حياة غير مسلم كما أنقذ (ديف) حياة (عبدالفرج) ولكن إنقاذنا يختلف عن إنقاذه، فنحن نريد له الدنيا والآخرة، وهو يريد الدنيا فقط، ولا يرتجي الآخرة.
ويتابع فيقول: أخي المسلم، إن هؤلاء القوم هم أخوة لنا في الإنسانية، وينبغي علينا أن نوصل رسالة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، كما وصانا في قوله: «بلغوا عني ولو آية» ويكون البلاغ، كما وصانا القرآن الكريم: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125]
فهم لم يبخلوا علينا بالكثير من العلوم، بل وبمجهوداتهم، وتقديم الشكر يكون في صورة دعوة تحيي بها حياة هذا الإنسان أو ذاك، وتنقذه من النار، وتخرجه من الظلمات إلى النور بإذنه تعالى، وقد كان لنا في الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد جاء في صحيح البخاري من طريق حماد بن زيد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه، فقال له: «أسلم»، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فأسلم، فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «الحمدلله الذي أنقذه من النار» عبارة نفشت بأحرف من نور، أضاءت حياة البشرية بعد ظلمات عاش فيها إنسان الجاهلية.
بأبي وأمي أنت يا رسول الله... يا خير الخلق... حقاً أنت كما وصفك رب العزة: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]
فقد كنت حريصاً على هداية الغلام، والرأفة والرحمة به، فدعوته لتنقذه من النار.
وينبغي علينا أن نختار منهجاً في الدعوة إلى الله لا يخرج عن منهج الرسول صلى الله عليه وسلم والذي بذل من خلاله وتحمل ما لم يتحمله إنسان في سبيل هداية الناس وتوصيل خير الدعوة إليهم، فقد آذاه أهل الطائف، وطلب لهم الرحمة بالهدى، وكسرت رباعيته في أحد، إلا أنه صلى الله عليه وسلم صبر على الدعوة، وتحمل أذى الناس، وكانت دعوته بالرفق واللين والموعظة الحسنة.
فمن هديه صلى الله عليه وسلم الرحمة بالآخرين، ولا نقول أن الحضارة الغربية كلها شر، فنكون بذلك قد قصرنا في طرحنا، ولم نعرف نواميس الكون، فقد جاء شيخ كبير هرم قد سقط حاجباه على عينيه وهو يدعم على عصا حتى قام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها فلم يترك منها شيئاً، وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة، (أي صغيرة ولا كبيرة) إلا أتاها، وفي رواية إلا اقتطعها بيمينه لو قسمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم (أهلكتهم) فهل لذلك من توبة؟ قال: فهل أسلمت؟
قال: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله
قال: «تفعل الخيرات وتترك السيئات فيجعلهن الله لك خيرات كلهن»
قال: : وغدراتي وفجراتي
قال: «نعم»
قال: الله أكبر فما زال يكبر حتى توارى
(قال الهيثمي رواه الطباراني والبزار ورجال البزار رجال الصحيح غير محمد بن هارون أبي نشيطة وهو ثقة وقال المنذر في الترغيب إسناده جيد قوي، وقال ابن حجر في الإصابة هو على شرط الصحيح)
البشرى: ونحن نوجه الدعوة إلى كل مسلم فنقول: هيا أخي المسلم واقتف أثر حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم وافتح باب الأمل للناس، وادعوا غير المسلمين إلى دينك، ورغبهم فيه بالحكمة والموعظة الحسنة، وحاورهم بالتي هي أحسن، ولجنة التعريف بالإسلام بها الوسائل الدعوية بكل اللغات، فلا تستصغر شيئاً، فقد يكون كتيب صغير أو كاسيت أو أخلاقك الحسنة، أو التزامك سبباً في هداية الآخرين.
الدعوة في السوق
اشتهر صاحب لنا بروح مرحة ودعابة مقبولة، وهو كذلك في دعوة الناس، وتحبيبهم في طلب العلم!.
فإذا كان في السوق، ووقف عند بائع التين، وهو ينادي: يا تين.. يا تين.. قال له: زوجك الله من الحور العين، فيٍُسر البائع، ويقول بصوت مسموع: آمين
فإن وجد فرصة أوجز له المعنى الإجمالي لسورة التين، وحدثه عن الحور العين.
وإذا جاء إلى بائع التمور، وهو ينادي: حلوة.. يا حلوة.. قال له: حلى الله أيامك، فيرد البائع: وأيامك.. وعندما يقف قرب بائع الحبحب (البطيخ الأحمر) ويسمعه وهو ينادي، حالي وأحمر يا حبحب يقول له: الله يحفظ حبايبك، فيجيبه: وحبايبك يا عمي الشيخ.
وإذا أراد أن يشتري تذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «رحم الله أمرأً سمحاً إذا باع وإذا اشترى»، فيعطي البائع غالباً ما يطلب، وحين يلفت أحد مرافقيه نظره إلى البائع يرضى بأقل من ذلك، يجيبه: هؤلاء (غلابة) إذا ربحوا ما يكفيهم استمروا في العمل، فيجب أن نشجعهم على الاستمرار.
وإذا طلب من البائع أن يزن له أنواعاً من الخضار والفواكه، يسأله: كم ثمن هذه كلها، خوفاً أن يكون قد حدث خلل في الوزن، ليخلي ساحته من المساءلة يوم القيامة.
وفي الختام : اتمنى أن يروق لكم هذا المقال ومااحتوى عليه
لكم أرق وأعذب الأمنيات السعيدة
ملآمح دآفئة